فأعملت عمل صار ، وكان اسمها ضمير مستتر ، وخبرها " كأنه سيوف " .
ومنه حديث سمرة في الكسوف " إن الشمس اسودت حتى آضت كأنها تنومة " .
قال أبو عبيد : آضت أي : صارت ورجعت {2} .
أما الشاهد قي قول الأعرابي : " قعدت كأنها حربة " فجعلوا قعدت بمعنى صارت ، وليس بمعنى جلست ، وبذلك رفع الاسم وهو الضمير المستتر العائد على الشفرة ، وجملة كأنه حربة في محل رفع خبره .
أنواع كان وأخواتها من حيث التمام والنقصان .
كان وأخواتها على نوعين : ــ
الأول ما يكون تاما ، وناقصا .
والثاني : ما لا يكون إلا ناقصا .
فالفعل التام هو : ما يكتفي بمرفوعه ، ويكون بمعنى وجد ، أو حصل .
46 ـ نحو قوله تعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة }3 .
ــــــــــــــــــــــــ
1 ـ روح المعاني ج13 ص54 ، والبحر المحيط ج5 ص346 ، والعكبري ج2 ص59 .
2 ـ لسان العرب ج7 ص116 مادة أيض .
3 ـ 280 البقرة .
فـ " كان " في الآية السابقة تامة لأنها بمعنى وجد ، و " ذو " فاعله مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة .
والأفعال التي تستعمل تامة ، وناقصة هي : ــ
كان ، أمسى ، أصبح ، أضحى ، ظل ، صار ، بات ، مادام ، ما برح ، ما انفك .
وهذه أمثلة لبعض الأفعال في حالتي النقصان ، والتمام .
الأفعال الناقصة الأفعال التامة
ـــــــ ــــــــ
1 ـ أمسى القمر بدرا . قال تعالى : { فسبحان الله حين تمسون }1 .
2 ـ قال تعالى : { أصبح فؤاد أم موسى فارغا }2 . قال تعالى : { وحين تصبحون } 3 .
3 ـ قال تعالى : { وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا }4. لو ظلت الحرب لأدت إلى الفناء .
4 ـ صار العنب زبيبا . قال تعالى : { ألا إلى الله تصير الأمور }5 .
5 ـ ما دام الأمر معلقا . قال تعالى : { خالدين فيها ما دامت السموات والأرض }5 .
6 ـ ما مبرح المسلمون يجاهدون في سبيل الله . قال تعالى : { فلن أبرح الأرض }7 .
7 ـ ما انفك الطالب مواظب على درسه . انفكت عقدة الحبل .
معاني تلك الأفعال في حالتي النقصان والتمام :
المعنى في حالة النقصان المعنى في حالة التمام
ـــــــــــ ــــــــــــ
كان : تفيد اتصاف الاسم بالخبر في الزمن الماضي . بمعنى وجد ، أو حصل .
أمسى : اتصاف الاسم بالخبر في المساء . دخل في المساء .
أصبح : اتصاف الاسم بالخبر في الصباح . دخل في الصباح .
أضحى : اتصاف الاسم بالخبر في الضحى . دخل في الضحى .
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ 17 الروم . 2 ـ 10 القصص .
3 ـ 17 الروم . 4 ـ 58 النحل .
5 ـ 53 الشورى . 6 ـ 107 هود . 7 ـ 80 يوسف .
ظل : اتصاف الاسم بالخبر في النهار . بمعنى بقي .
صار : تحول الاسم من صفة إلى صفة . رجع ، أو انتقل .
بات : اتصاف الاسم بالخبر في الليل . دخل في الليل .
ما دام : بيان مدة اتصاف الاسم بالخبر . بمعنى بقي .
ما برح : تفيد الاستمرار . ذهب ، أو فارق .
ما انفك : تفيد الاستمرار . انحل ، أو انفصل .
تنبيه :
يكون اتصاف اسم كان بخبرها في الزمن الماضي نحو : كان البحر هادئا .
وقد يكون مستمرا ، 47 ـ نحو قوله تعالى : { وكان الله غفورا رحيما }1 .
الثاني : ما لا يكون إلا ناقصا .
الفعل الناقص لا يكتفي بمرفوعه ، بل يحتاج إلى متمم وهو الخبر ، وهذا النوع من الأفعال هو :
فتئ : نحو : ما فتئ المؤمن ذاكرا ربه .
48 ـ ليس : نحو قوله تعالى : { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها }2 .
زال التي مضارعها يزال : 49 ـ نحو قوله تعالى : { لا يزالون مختلفين }3 .
أم زال التي مضارعها يزول فتأتي تامة ، ولا تكون ناقصة . نحو : زالت الشمس .
وهي حينئذ بمعنى تحرك ، أو ذهب ، أو ابتعد .
21 ـ ومنه قول كعب ابن زهير :
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف عند اللقاء ولا ميل معازيل
فـ " زال " في البيت تامة بمعنى " انتقل " ، وفاعل زالوا " واو الجماعة " ، وفاعل فما زال " أنكاس " .
وتأتي زال التامة بمعنى " ميز " .
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ 152 النساء . 2 ـ 189 البقرة . 3 ـ 118 هود .
نحو : زال الراعي غنمه من غنم أخيه . ومضارعها في هذه الحالة " يزيل " .
ومن معانيها : نحى ، وأبعد . وهي باختصار تفيد : الذهاب ، والانتقال .
تنبيه : قد تأتي " كان " زائدة بخلاف أنها تامة ، أو ناقصة ، وفي هذه الحالة لا عمل لها ، وتكون زيادتها في المواضع التالية :
1 ـ بين المبتدأ والخبر . نحو : زيد كان قائم .
فـ " زيد " مبتدأ مرفوع ، و” كان “ زائدة لا عمل لها ، و " قائم " خبر مرفوع بالضمة .
2 ـ بين الفعل ومعموله . نحو : لم أر كان مثلك . وما صادقت كان غيرك .
أر : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا .
كان : زائدة لا عمل لها .
مثلك : مفعول به ، والكاف ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه .
3 ـ بين الصلة والموصول . نحو : وصل الذي كان أوعدك .
4 ـ بين الصفة والموصوف . نحو : التقيت بصديق كان مسافرٍ .
22 ـ ومنه قول الشاعر* :
وماؤكم العذب الذي لو شربته شفاء لنفس كان طال اعتلالها
فجملة " طال اعتلالها " في محل جر صفة ، وقد جاءت كان زائدة لا عمل لها .
5 ـ بين الجار والمجرور . 23 ـ كقول الشاعر* :
سراة بني أبي بكر تسامى على كان المسومة العراب
6 ـ بين ما التعجبية وفعل التعجب . نحو : ما كان أكرمك .
ما كان : تعجبية مبتدأ ، وكان : زائدة لا عمل لها .
ــــــــــــــ
*الشاهدان بلا نسبة .
أكرمك : فعل ماض ، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره : هو يعود على ما ، والجملة في محل رفع خبر ما .
تنبيه : لا تكون زيادة " كان " إلا بصيغة الماضي .